استضافت جمعية المهندسين المصرية برئاسة المهندس أسامة كمال وزير البترول الأسبق، الدكتور أشرف العربي رئيس معهد التخطيط القومي ووزير التخطيط والتعاون الدولي الأسبق، والدكتور إبراهيم العيسوي مستشار المعهد ومدير مشروع تعميق التصنيع المحلي، في ندوة بعنوان “تعميق التصنيع المحلي”، وذلك بحضور المهندس فاروق الحكيم أمين عام جمعية المهندسين المصرية ولفيف من أعضاء الجمعية، بهدف استعراض إنجازات المعهد ومناقشة المقترحات التي تسهم في تحقيق مستهدفات الدولة نحو تعميق التصنيع المحلي، في إطار توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي بتعميق التصنيع المحلي وتوطين الصناعة المصرية، خاصة في ظل الاضطرابات القوية التي أصابت سلاسل الإمداد العالمية وأثرت على العمليات الإنتاجية في العديد من دول العالم.
قال أسامة كمال رئيس جمعية المهندسين المصرية ووزير البترول الأسبق، إن موضوع الندوة هام للغاية وتعد من أهم الندوات التي أقامتها الجمعية مؤخراً، مؤكداً أن تعميق التصنيع المحلي بات ضرورة ملحة وأن الهدف من وراء إقامة الندوة هو تقديم يد العون للصناعة المصرية وتقديم روشتة علاج للاقتصاد المصري، بجانب تحليل ووصف أوضاعه وأدائه.
وأكد “كمال” أنه لا يوجد صناعة دون استثمارات أو فكر، وأن التكنولوجيا تعمل على زيادة القيمة المضافة للصناعة، خاصة وأن وجود صناعات ذكية كالصناعات التي تعتمد على التكنولوجيا يساهم في منافستها عالميا، مؤكدا أن هدف التنمية الصناعية هو الوصول بالصناعات لأعلى جودة.
وأوضح “رئيس جمعية المهندسين المصرية”، أن الحكومة تعمل على تشجيع التصنيع المحلى ووضع علامات تجارية تحت شعار صنع في مصر وتشجيع المبادرات لتعزيز الصناعة المحلية في المجالات المختلفة، وأضاف: أن الصناعة المحلية وتطبيقات الهندسة العكسية من الموضوعات الهامة في الوقت الراهن لتعزيز ودعم المنتج المحلى في السوق المصرى والدولى ، مشيراً إلى أن تطبيق الهندسة العكسية من أهم الموضوعات التي يجب مناقشتها بكافة أبعادها الفنية والتقنية والقانونية.
واستعرض الدكتور أشرف العربي رئيس معهد التخطيط القومي ووزير التخطيط والتعاون الدولي السابق خلال الجزء الأول من الندوة الإنجازات التي ساهم بها المعهد خلال مسيرته المهنية على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي، مؤكدا إن تبني معهد التخطيط القومي لمشروعه الطموح تعميق التصنيع المحلي في مصر يأتي في توقيت مهم للغاية حيث توليه القيادة السياسية أولوية مطلقة خلال المرحلة الحالية.
وأوضح “العربي”، أن أهم النتائج التي توصل إليها البحث، أن المشروع البحثي تضمن عدة أوراق علمية تم إنجازها على مدار ثلاث سنوات، وشملت دراسات نوعية و قطاعية حول أهم الصناعات القائمة والمرتقبة في مصر وسبل النهوض بها.
ونوه “رئيس معهد التخطيط القومي”، إلى أن أهمية هذا المشروع تأتي انطلاقاً من تشابك قضية تعميق التصنيع مع مختلف القضايا الكبرى من ثورة صناعية رابعة وثورة تكنولوجية وأزمات عالمية، مشيرًا إلى أن المشروع يدعم قضية التجارة الدولية والتنافسية العالمية، إلى جانب التغيرات المناخية وتفاعلاتها والطاقة الجديدة والمتجددة واستخداماتها، فضلاً عن الحوكمة وتأثيراتها إلى جانب الحماية والعدالة الاجتماعية.
ولفت “وزير التخطيط السابق”، إلى إن معهد التخطيط القومي هو مؤسسة علمية مستقلة تم إنشائها عام 1960، ولدينا داخل المعهد 5 أنشطة رئيسية أهمها برامج في الاقتصاد والتخطيط والتنمية المستدامة، ودراسات عليا، وبرنامجين ماجيستير مهني وأكاديمي في التخطيط والتنمية ، مضيفاً ان المعهد لديه مجموعة من المتخصصين في الاقتصاد والعلوم الاجتماعية والعلوم المختلفة، ونقدم العديد من الاستشارات لمؤسسات الدولة المختلفة والوزارات المعنيّة.
ونوه” العربي” إلى أن أهداف واختصاصات معهد التخطيط القومي تتضمن النهوض بالبحوث والدراسات المتعلقة بإعداد الخطط التنموية الشاملة للدولة ووسائل تنفيذها، ودراسة الأسس والأساليب العلمية للتخطيط والتنمية، وذلك بهدف تزويد القائمين بالعملية التخطيطية على كافة المستويات ومتخذي القرار وصانعي السياسات بالرؤى والبدائل الاستراتيجية، ونشر الوعي والمعرفة بقضايا التخطيط والتنمية وأسسها العلمية والتطبيقية.
وأكد “رئيس معهد التخطيط القومي “في حديثه حرص المعهد على دعم جهود التعاون المشترك بينه وبين الجهات المحلية والإقليمية والدولية، إلى جانب توقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم مع عدد من الجهات والمؤسسات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني المحلية والإقليمي.
وفي كلمته ، قدم المهندس فاروق الحكيم الأمين العام للجمعية التهنئة للمهندس أسامة كمال بعدما تم تعيينه رئيسا للجمعية من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي ، لافتا إلى أن القرار يحمل رسائل مهمة وهي أن القيادة السياسية مهتمة بالمهندس وبمهنة الهندسة ، راصدا الدور التاريخي للجمعية ومجهوداتها في إثراء الحياة العلمية .
بينما شهد الجزء الثاني من الندوة محاضرة للدكتور إبراهيم العيسوي “مدير مشروع تعميق التصنيع المحلي بمعهد التخطيط القومي” ، مؤكدا إن اهتمام الدولة بالتنمية بوجه عام والتصنيع وتعميقه بوجه خاص لا ينطوى على أى دعوة لإقصاء القطاع الخاص، مشيرًا إلى أن هذه المشروعات يمكن أن تقيمها الدولة بمفردها أو بالمشاركة مع القطاع الخاص، وأيضًا بطرح أسهم على عموم المواطنين تضمن الدولة حداً أدني لربحيتها.
وشدد” العيسوي ” أن أولى خطوات دعم الصناعة المحلية تتمثل فى الربط بينها وبين البحث العلمى من خلال إنشاء معامل مركزية بالجامعات لخدمة الصناعة وإقامة ما يعرف بالتحالفات الصناعية أو تحالفات الابتكار بغرض تعميق التصنيع، وإنشاء جامعات الشركات على غرار ما قامت به ماليزيا، وكان له أثر بارز فى تقدمها الصناعى والتكنولوجى.
وطالب ” العيسوي “بتحويل هيئة التنمية الصناعية من هيئة عامة اقتصادية إلى هيئة خدمية وذلك تخفيفاً للأعباء على كاهل المستثمرين ، وإزالة الغموض فى بعض مواد قانون التراخيص الذى يفتح الباب أمام تفسيرات متباينة، مع تبسيط الإجراءات ذات الصلة واختصار عددها وتخفيض مدة تنفيذها، والتيسير على المستثمرين بتوسيع صلاحيات مكاتب هيئة التنمية الصناعية بالمحافظات، وزيادة عدد العاملين المؤهلين فى هذه المكاتب وتفويضهم فى اتخاذ القرارات دون الرجوع للمقر الرئيسى للهيئة.
ونادى “مدير مشروع تعميق التصنيع المحلي بمعهد التخطيط القومي” بأهمية إنشاء كيان تحت مسمى “المجلس الصناعى المصرى” كإطار مؤسسى جديد للقيام بدور تخطيطى وتنسيقي واستثمارى ومحفز فيما يتعلق بصنع ومتابعة وتقييم السياسات الصناعية وتعميق التصنيع فى مصر، وإعادة هيكلة وزارة التجارة وإنشاء مجلس أعلى للعلوم والتكنولوجيا والابتكار يتولى وضع السياسة الصناعي.
وأوضح “العيسوي ” ان المشروع البحثى قد رفع توصيات عدة بشأن المحفزات التى من الضرورى تبنيها لتحقيق التغير الهيكلى المستهدف، ومن أبرزها: تقديم الحوافز المالية أو الدعم المالى، وتتمثل فى التحويلات الحكومية من الموازنة العامة للدولة إلى شركات أو أنشطة أو صناعات أو مناطق بأكملها، وذلك من خال الدعم المباشر نقدًا أو عينًا، أو الدعم غير المباشر فى شكل حوافز أو إعفاءات ضريبية، أو الخصم الضريبى للمنتجين، أو منح إعفاءات جمركية لمدخلات الصناعة أو للمكونات المستوردة، وتقديم دعم للصادرات الصناعية لتسهيل نفاذها إلى الأسواق الخارجية.
تابع : المحفزات تشمل أيضا تعريفة جمركية حمائية لوقاية الصناعة المحلية فى مراحلها المبكرة من منافسة الواردات المناظرة لمنتجاتها، أو تقديم الدعم لمدخلات الصناعة أو الصناعات المستهدف تنميتها، وكذا توفير القروض التنافسية تمويل رأس المال العامل، أو القروض متوسطة وطويلة المدى لتمويل الاستثمارات الصناعية، ولشراء السلع الرأسمالية، أو لتوفير التمويل التأجيرى، أو مشروعات الاستثمار.
واختتم “مدير مشروع تعميق التصنيع المحلي بمعهد التخطيط القومي” المحاضرة قائلا:المحفزات المقترحة تتضمن تقديم الأراضى والمرافق العامة والبنية الأساسية مجانًا أو بسعر رمزى، خاصة فى المناطق المخصصة للأنشطة الصناعية والتجمعات والتكتلات الصناعية، وقد ترتبط هذه التسهيلات ببعض مشروعات التنمية العمرانية، والتنمية الحضرية المستدامة، التى تستهدف بناء مجتمعات عمرانية متكاملة تشمل مشروعات سكنية ومشروعات إنتاجية لتحفيز السكان على الانتقال إلى المناطق الحضرية القائمة أو الجديدة.
وتباينت آراء المشاركين في الندوة ومداخلاتهم حول موضوع الدراسة البحثية ، ففريق أبدى تحفظه عليها ووصفها بـ القاتمة والسوداوية ، لافتين إلى أن الدولة المصرية تهتم بالعديد من الصناعات وخاصة التحويلية وتصديرها ، بينما اشاد فريق آخر بالدراسة باعتبارها طوق نجاه للصناعة المصرية.
وفي نهاية الندوة جرى تكريم العربي ومنحه العضوية الفخرية باعتباره واحداً من المخططين العمليين الذي له باع في التخطيط العملي داخل مصر او على مستوى العالم العربي بل والعالمي.