الهيدروجين والأمونيا الخضراء: رؤى متباينة لمستقبل الطاقة في ورشة حوارية بجمعية المهندسين المصرية

  • فبراير 24, 2025

This event has expired

في إطار التوجه العالمي نحو الطاقة النظيفة والاستدامة، نظمت جمعية المهندسين المصرية ورشة حوارية بعنوان “الهيدروجين والأمونيا الخضراء بين الواقع والطموح .. رؤى متباينة لمستقبل الطاقة”، بمشاركة نخبة من الخبراء والمتخصصين في مجال الطاقة. 

هدفت الورشة إلى تسليط الضوء على أحدث التطورات في مجال الهيدروجين والأمونيا الخضراء، ومناقشة الفرص والتحديات التي تواجه تطبيقاتهما في مختلف القطاعات، خاصة في ظل الدور الحيوي الذي تلعبه هذه المصادر في تقليل الانبعاثات الكربونية وتحقيق التحول نحو اقتصاد منخفض الكربون. 

أدار الورشة المهندس أسامة كمال، رئيس جمعية المهندسين المصرية ووزير البترول الأسبق، بمشاركة الدكتور شريف هدارة وزير البترول الأسبق، والمهندس سعد أبو المعالي أمين عام الاتحاد العربي للأسمدة، والدكتور عطية محمد عطية عميد هندسة الطاقة بالجامعة البريطانية، والدكتور حسين محمد حسين رئيس شركة أركو، بالإضافة إلى عدد من الخبراء والمهتمين بمستقبل الطاقة النظيفة. 

وأكد المشاركون على أهمية التوجه نحو الطاقة النظيفة، مع التشديد على ضرورة دراسة العوامل الاقتصادية واللوجستية والبيئية المرتبطة بالتحول إلى الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء ، كما تمت مناقشة التحديات الكبيرة التي تواجه إنتاج الهيدروجين الأخضر، مثل التكلفة المرتفعة واستهلاك الطاقة الكبير، حيث يتطلب إنتاج كيلوغرام واحد منه نحو 55 كيلوواط من الكهرباء

في البداية أكد المهندس أسامة كمال” رئيس جمعية المهندسين المصرية ووزير البترول الأسبق” خلال إدارته للورشة الحوارية، على أهمية موضوع الورشة ودعمه الكامل لهذا التوجه، مشيرًا إلى أنه يمثل أولوية لمصر والصناعة المصرية في ظل التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة.

وشدد “كمال” على أن جمعية المهندسين المصرية ستعمل على تعزيز التعاون مع مجلس بحوث البترول والثروة المعدنية بأكاديمية البحث العلمي بهدف الاستفادة من الخبرات البحثية والعلمية في هذا المجال، مما يساهم في دعم المشروعات المستقبلية المتعلقة بالهيدروجين الأخضر.

كما أعلن عن إطلاق سلسلة من الندوات التي ستنظمها الجمعية لمناقشة الجوانب التطبيقية والاستثمارية للهيدروجين الأخضر، وذلك لتحفيز البحث العلمي والاستثمارات في هذا القطاع الواعد.

وفي سياق متصل، كشف “كمال” عن أن المؤتمر الدولي لجمعية المهندسين الكيميائيين هذا العام سيركز بشكل أساسي على قضية الهيدروجين الأخضر نظرًا لأهميتها العالمية المتزايدة،ودورها الحيوي في تقليل الانبعاثات الكربونية وتحقيق الاستدامة في قطاع الطاقة.

وأكد “وزير البترول الأسبق ” على أن التحول إلى الطاقة النظيفة يتطلب تضافر جهود جميع الجهات المعنية، مشيرًا إلى أن جمعية المهندسين المصرية ستواصل جهودها لدعم هذا التحول من خلال البحث العلمي والتعاون مع الجهات المتخصصة.

من جانبه المهندس سعد أبو المعالي “أمين عام الاتحاد العربي للأسمدة” على أهمية التوجه نحو الطاقة النظيفة، مشدداً على ضرورة دراسة العوامل الاقتصادية قبل التحول الكامل إلى الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء.

وأشار “أبو المعالي” إلى أن العالم يشهد سباقًا مع الزمن لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وأن المنطقة العربية بما فيها مصر قادرة على إنتاجه ولكنها بحاجة إلى تجهيز بنية تحتية ملائمة لضمان جدواه الاقتصادية ، موضحاً ن إنتاج الهيدروجين الأخضر لا يزال محدودًا، إذ لا يتجاوز 1% من الإنتاج العالمي للهيدروجين، فيما يبلغ الإنتاج السنوي العالمي للأمونيا 250 مليون طن، منها 6 ملايين طن فقط تنتج من الهيدروجين الأخضر.

وأوضح أن التحول إلى الطاقة الخضراء لا يزال مكلفًا، حيث يصل إنتاج الأمونيا من الهيدروجين الأخضر إلى 800 دولار للطن، مقارنة بـ180 دولارًا فقط عند إنتاجها من الهيدروجين الرمادي، مما يطرح تحديات اقتصادية كبيرة أمام التوسع في استخدامه.

وأضاف أن أي تحول غير مدروس في قطاع الطاقة سيؤثر بشكل مباشر على أمن الطاقة والأمن الغذائي، خاصة من خلال تأثيره على أسعار الأسمدة، والتي تلعب دورًا محوريًا في الإنتاج الزراعي.

وقال أن الاتحاد العربي للأسمدة يدعم بقوة التحول إلى الطاقة المتجددة، ولكنه شدد على أهمية أن يكون هذا التحول مدروسًا بعناية لضمان استدامته من الناحية الاقتصادية، بحيث لا يؤثر سلبًا على القطاعات الحيوية الأخرى.

وأكد “أمين عام الاتحاد العربي للأسمدة” على ضرورة وضع استراتيجيات واضحة لدعم الهيدروجين الأخضر مع الأخذ في الاعتبار التكلفة المرتفعة لإنتاجه مقارنة بالهيدروجين الرمادي، وضرورة إيجاد حلول اقتصادية تجعل الطاقة الخضراء خيارًا أكثر استدامة وواقعية في المستقبل.

وبدوره أكد الدكتور شريف هدارة” وزير البترول الأسبق” على أن أمن الطاقة لا يمكن تحقيقه دون تنوع المصادر، مشددًا على أهمية تبني أسس اقتصادية وجيوسياسية في اختيار مصادر الطاقة لضمان القدرة على المنافسة الصناعية عالميًا.

وأشار “هدارة” إلى أن أوروبا وضعت رؤية طموحة لإنتاج 10 ملايين طن من الهيدروجين بحلول 2030، لكنها لم تحقق سوى 20% من هذا الهدف، مما يؤكد أن تحقيق مثل هذه الأهداف يحتاج إلى جهد وعمل حقيقي وليس مجرد خطط نظرية.

كما أوضح أن التحدي الأساسي لإنتاج الهيدروجين الأخضر، بجانب التكلفة المرتفعة، هو استهلاك الطاقة الكبير، حيث يتطلب إنتاج كيلوغرام واحد من الهيدروجين الأخضر نحو 55 كيلوواط من الكهرباء، لافتا إلى أن شمال إفريقيا تمتلك فرصة لتوليد الكهرباء وتصديرها إلى أوروبا في صورة هيدروجين بتكلفة أقل مقارنة بتصديرها كطاقة كهربائية مباشرة.

وأكد “هدارة “على أن الهيدروجين لا بديل له في بعض المجالات الصناعية والبيئية، وهو ما يجعل الاستثمار في أبحاثه أمرًا حتميًا ، موضحاً أن ألمانيا تتصدر قائمة الدول التي تستثمر في أبحاث الهيدروجين الأخضر، تليها نيوزيلندا، اليابان، فرنسا، وكوريا، ورغم هذا الاهتمام العالمي، فإن التقدم في هذا المجال لا يزال محدودًا.

ودعا “هدارة” إلى اتباع نهج الصين، التي تعمل على تحويل الهيدروجين الأسود، الناتج من الفحم، إلى هيدروجين أخضر تدريجيًا، معتبرًا أن هذا هو الاتجاه الصحيح الذي يجب أن تتبعه الدول المنتجة للطاقة. كما شدد على ضرورة أن تقوم الدول الكبرى المنتجة للبترول بزيادة إنفاقها على الأبحاث والدراسات المتعلقة بالهيدروجين الأخضر لدفع عجلة التحول نحو الطاقة النظيفة.

وبدوره أكد الدكتور عطية محمد عطية “عميد هندسة الطاقة بالجامعة البريطانية” أن العالم يتجه بقوة نحو إنتاج الهيدروجين الأخضر، وأن هذا التوجه سيستمر سواء رضي الجميع أم لم يرض، ما يجعل من الضروري لمصر والدول العربية مواكبة هذا التطور.

واعتبر “عطية ” أن تحقيق أمن الطاقة يعد أمرًا بالغ الأهمية عند التحول إلى الطاقات المتجددة، موضحًا أن هناك أربع طرق رئيسية لإنتاج الهيدروجين والذي يستخدم في مختلف المجالات التي تعتمد حاليًا على مصادر الطاقة التقليدية.

كما تطرق إلى التحديات التي تواجه إنتاج الطاقة النظيفة على مستوى العالم، والتي تتمثل في العوائق المادية، والتكنولوجية، والبنية التحتية، لكنه أكد أن مصر تسير في الاتجاه الصحيح نحو إنتاج الطاقة المتجددة رغم أن الوتيرة بطيئة نسبيًا.

وشدد على أن مصر تمتلك الخبرة والإمكانات اللازمة لإنتاج 1.5 مليون طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا، مع إمكانية التوسع في هذا الإنتاج وزيادة الاعتماد على الطاقات المتجددة، مع تحقيق التوازن بين أمن الطاقة والأمن الغذائي.

وأكد “عميد هندسة الطاقة بالجامعة البريطانية “على أن مصر ملتزمة بتقليل الانبعاثات، وأن التوجه نحو الهيدروجين الأخضر هو خطوة استراتيجية لمواكبة التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة وضمان استدامة التنمية الاقتصادية والبيئية.

وأكد الدكتور حسين محمد حسين “رئيس شركة أركو” أن مصر لديها التكنولوجيا الحديثة اللازمة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، إلا أن العقبات الرئيسية التي تواجهه ليست تقنية بقدر ما هي اقتصادية ولوجستية وبيئية.

وأوضح أن نقل الهيدروجين يمثل تحديًا كبيرًا بسبب كونه غازًا خفيفًا جدًا، مما يجعل تكاليف شحنه مرتفعة للغاية، إلى جانب صعوبة تخزينه مقارنة بمصادر الطاقة التقليدية ، مشيراً إلى التأثير البيئي الكبير للهيدروجين الرمادي، حيث ينتج 0.8 كيلوجرام من ثاني أكسيد الكربون لكل كيلوجرام من الهيدروجين المنتج، مما يجعله خيارًا أقل استدامة من الناحية البيئية.

وأشار إلى أن مصر لا تولي اهتمامًا كافيًا بالكتلة الحيوية كمصدر للطاقة الخضراء رغم أنها يمكن أن تكون عنصرًا حيويًا للأمن القومي المصري في قطاع الطاقة ، موضحاً أن مصر تمتلك 200 مليون طن من الكتلة الحيوية سنويًا، سواء من المخلفات النباتية أو الحيوانية أو الصناعية، مما يتيح فرصة كبيرة للاستفادة منها في إنتاج الطاقة النظيفة وتقليل الاعتماد على المصادر التقليدية.

وشدد حسين على ضرورة إجراء دراسات متعمقة حول إمكانيات استغلال الكتلة الحيوية، مؤكدًا أنها قد تمثل عنصرًا استراتيجيًا مهمًا في تحقيق أمن الطاقة لمصر، مع تقليل الانبعاثات الكربونية وتعزيز الاستدامة البيئية.

اختتمت الورشة بتأكيد المشاركين على ضرورة وضع استراتيجيات واضحة لدعم الهيدروجين الأخضر، مع الأخذ في الاعتبار التكلفة المرتفعة لإنتاجه، والعمل على إيجاد حلول اقتصادية تجعل الطاقة الخضراء خيارًا أكثر استدامة وواقعية في المستقبل.

  • Time : 5:00 pm - 9:00 pm (Africa/Cairo)

إضافة إلى التقويم